أسطورة المقاومة أسطورة المقاومة

طلبة (التوجيهي) يذهبون إلى الامتحانات وطلبة غزة إلى القبور!

طلبة الثانوية العامة يذهبون إلى الامتحانات وطلبة غزة إلى القبور
طلبة الثانوية العامة يذهبون إلى الامتحانات وطلبة غزة إلى القبور

الرسالة نت_ خاص

في يوم حار من أيام يونيو/حزيران، يلتقط الطلبة في محافظات الضفة المحتلة أنفاسهم لتقديم امتحانات الثانوية العامة، ومع كل صباح يشهدون بدء اختباراتهم، يخرجون من منازلهم محملين بأحلامهم ومشاعر التوتر الطبيعي. يتوجهون إلى مراكز الامتحانات، التي تفتح أبوابها لهم وسط أجواء مشحونة، لكنهم يأملون في تحقيق مستقبل أفضل، مستقبل يرتسم عبر أوراق الامتحان.

في نفس الوقت، في قطاع غزة، يشهد الطلبة مشهدًا مختلفًا، مشهد لا تراه أعين من يعيشون في أمان. 

في غزة، لا توجد مدارس مكتظة بالمراجعات، ولا قاعات امتحانات تمتلئ بالطلاب المتفائلين. 

في غزة حيث تتناثر الأشلاء بين الأنقاض، يركض الأطفال والنساء بين الحطام. غزة، التي ظن العالم أنها ستظل في ذاكرتهم كحلم، أصبحت في لحظة ما يشبه الكابوس المتواصل!

في أكتوبر 2023، بدأ العدوان (الإسرائيلي) على قطاع غزة والضفة المحتلة، ليغتال حياة أكثر من 16,802 طالب، بينهم 16,664 طالبًا في غزة. هؤلاء الذين كانوا يطمحون للمستقبل، يحققون أحلامهم عبر الكتابة على صفحات الامتحانات، ولكنهم تحولوا إلى أسماء في قوائم الشهداء، وأرقام في تقارير حقوق الإنسان.

بينما يمشي طلبة الضفة المحتلة إلى قاعات الامتحانات، حاملين بين أيديهم أوراق المراجعة، في غزة، يفقد 788,000 طالب القدرة على التوجه إلى مدارسهم منذ بداية العدوان، ويعيشون في دوامة من الحصار والدمار. لا امتحانات للثانوية العامة هذا العام في غزة، ولا حتى العام الماضي. في غزة، تُسلب الأحلام مع كل قذيفة تسقط على المدارس والمنازل. 

قد لا تكون هناك غرفة دراسية، ولكن هناك غرفة انتظار، حيث ينتظر الأطفال مصيرهم بين القصف والأنقاض. هذا ما يعرفه سكان غزة اليوم: أنت إما شهيد، أو مصاب، أو بعيد عن حقك في التعليم.

26,638 طالبًا أصيبوا منذ السابع من أكتوبر، لكنهم لم يتوقفوا عن الحلم. في صمت، يواصلون الحياة في قلب المعاناة. وأما من استُشهدوا، فكانوا قد قسّموا حياتهم بين الكتب والآمال، لكنهم دفنوا أحلامهم تحت الركام. نزلت عليهم القذائف حتى انتهت معاناتهم، دون أن يلتقطوا فرصتهم في الامتحان.

في غزة، تعرضت 352 مدرسة حكومية للتدمير، منها 111 مدرسة دُمّرت بالكامل، بالإضافة إلى 91 مدرسة حكومية و89 مدرسة تابعة للأونروا أُصيبت بالتخريب، ما جعل آلاف الطلاب محرومين من حقهم في التعليم. أما في الضفة الغربية، فاستمر الحلم بمواصلة التعليم، حيث كانت الفصول الدراسية مستمرة، رغم كل الصعاب.

وفي سابقة أخرى من الحرب على التعليم، استُشهد 926 معلمًا، وأُصيب 4,452 معلمًا، الذين كانوا هم عماد العملية التعليمية في مدينة تتعرض للإبادة منذ قرابة العامين!

كما أن المحنة لم تتوقف هنا، فبالتوازي مع دمار المؤسسات التعليمية، استُهدفت 20 مؤسسة للتعليم العالي، وكان نصيب 60 مبنى جامعيًا التدمير الكامل، ليُطوى بذلك حلم آخر من أحلام الطلبة الفلسطينيين في غزة.

وفي قلب هذا الجرح العميق، وبينما تستمر المعاناة، نجد أن طلبة الثانوية العامة في غزة الذين لم يتمكنوا من التقدم لامتحاناتهم هذا العام، يراقبون في صمت طلبة الضفة وهم يتجهون إلى امتحاناتهم. وبينما يذهب هؤلاء إلى قاعات الامتحانات، يذهب الطلبة في غزة إلى القبور، حيث لا يتجاوز حلمهم سوى الحفاظ على أرواحهم في وجه القصف.

إن هذه الأرقام، وهذه القصص، ليست مجرد أرقام في تقارير، بل هي مشهد يومي يعيش فيه شعب بأسره. وبينما يبدأ العالم دورة جديدة من امتحانات الحياة، يبقى سؤال واحد يطرح نفسه: هل يمكن للسلام أن يعيد الأمل لطلبة غزة الذين فقدوا مدارسهم وأحلامهم؟

 

البث المباشر
OSZAR »