أكد محللان فلسطينيان أن عملية تفجير ناقلة جند وجرافة إسرائيليتين في خانيونس جنوب قطاع غزة أمس، كشفت حجم الانهيار الميداني والمعنوي لدى الجيش الإسرائيلي، وأعادت صياغة معادلات الاشتباك على الأرض.
وفي ضربة وُصفت بأنها الأشد وقعًا منذ بداية العدوان الإسرائيلي المتجدد على قطاع غزة، نفّذت المقاومة الفلسطينية عملية نوعية في جنوب خانيونس، أسفرت عن مقتل سبعة جنود إسرائيليين بينهم ضابط ومسعف قتالي، فيما أُصيب آخرون في حادثٍ منفصل استهدف جرافة عسكرية وكُشف عن التفاصيل لاحقًا.
وبحسب ما ورد في الإعلام العبري، فإن أحد مقاتلي المقاومة الفلسطينية نجح في التسلل إلى محيط ناقلة جنود مدرعة من نوع “بوما” جنوب خانيونس، وألصق بها عبوة ناسفة مباشرة، ما أدى إلى انفجار ضخم أعقبته ألسنة لهب هائلة التهمت المدرعة ومن فيها.
وأفادت إذاعة جيش الاحتلال أن قوات الإطفاء فشلت في إخماد النيران رغم الاستعانة بجرافة D9 التي سحقت الرمال على المركبة. ونتيجة للعجز الميداني، قرر الجيش سحب الناقلة المحترقة خارج قطاع غزة عبر شارع صلاح الدين، وهي ما زالت تحوي جثثًا متفحمة.
الباحث في الشؤون العسكرية والأمنية رامي أبو زبيدة رأى في قراءة عملياتية أن الاقتراب من ناقلة مدرعة دون اكتشاف، ثم إلصاق عبوة ببدنها والانفجار الكامل، يكشف أن:
– المقاومة تُجيد التسلل من نقاط عمياء ضمن خطوط العدو.
– القوة المستهدفة لم تكن في حالة استعداد قتالي، رغم وجودها في "منطقة عمليات نشطة".
وبين أن استخدام D9 لمحاولة إطفاء الناقلة ثم سحبها وهي تشتعل، ليس فقط فشلًا ميدانيًا، بل انهيار في كفاءة التعامل مع الكوارث القتالية داخل أرض المعركة.
وأوضح أن احتراق الجنود بالكامل داخل المركبة ونقلهم كجثث محترقة، سيترك أثرًا نفسيًا بالغًا داخل وحدات النخبة، لا سيما كتيبة الهندسة التي فقدت مسعفها القتالي.
واعتبر أن ما جرى في خانيونس ليس فقط كمينا، بل كارثة عملياتية مدروسة خططت لها المقاومة بعناية، ونفذتها بحرفية قتالية عالية، وفضحت عجزًا ميدانيًا مدويًا في صفوف جيش الاحتلال، الذي لم يعد يسيطر لا على الأرض، ولا حتى على جثث جنوده المحترقين.
من جانبه، كتب د. إياد القرا في مقالٍ منفصل، أن العملية شكلت فضيحة عسكرية بكل المقاييس، وأثبتت أن "تفوق الاحتلال مجرد وهم".
وأوضح القرا أن العملية جاءت بعد سلسلة كمائن ناجحة في جباليا وخانيونس، ما يدل على أن المقاومة لا تزال تحتفظ بعنصر المباغتة والقدرة رغم العدوان المتواصل.
وأكد أن نتنياهو، العائد من حربه مع إيران مدّعيًا النصر، "انهار أمام هزيمة موضعية في خانيونس، المدينة التي اجتاحها أربع مرات وخرج منها كل مرة مثقلًا بالهزائم".
وأضاف أن الاحتلال فشل في إنقاذ جنوده رغم امتلاكه أحدث التقنيات، بينما قاتلت المقاومة بإرادة وقذائف محلية الصنع.
وخلص القرا إلى أن "العملية ستُعيد الأنظار إلى غزة، وتُجهض محاولات تحويلها إلى ساحة استعراض إسرائيلي. فهنا، في خانيونس، دُفنت أوهام الجيش الإسرائيلي تحت الرمال، واحترقت عرباته في الوحل".